زينب شاهين – نجمة إماراتية تضيء سماء السينما بـ “فتى الجبل”
بقلم :رفيق كحالي
في عالم السينما الذي يتطور باستمرار، تبرز أسماء لامعة من حين لآخر لتترك بصمة لا تُمحى. ومن بين هذه الأسماء، تتألق المخرجة الإماراتية الشابة زينب شاهين، التي استطاعت بفيلمها الروائي الطويل الأول “فتى الجبل” أن تلفت الأنظار إليها بقوة، وأن تحصد الإشادات والجوائز، مؤكدةً بذلك موهبتها الفذة ورؤيتها الإخراجية الفريدة. “فتى الجبل” ليس مجرد فيلم، بل هو قصة إنسانية عميقة، تحية بصرية لتراث الإمارات الغني، وشهادة على قوة الإرادة والتفاهم والقبول.
“فتى الجبل”: قصة من القلب إلى الشاشة الكبيرة
يُعد فيلم “فتى الجبل”، الذي عُرض مؤخراً في صالات السينما المحلية بعد جولة ناجحة في مهرجانات سينمائية عالمية، تجربة إخراجية أولى لزينب شاهين، لكنها تجربة تحمل في طياتها نضجاً فنياً يثير الإعجاب. الفيلم مستوحى من كتاب “الفتى الذي عرف الجبال” للمؤلفة ميشيل زيولكوفسكي، ويروي قصة الطفل الإماراتي “سهيل”، الذي يتعايش مع التوحد ويعاني من إهمال والده. تدور الأحداث حول مغامرات “سهيل” في جبال الفجيرة الخلابة، حيث يظهر صلابة وعزيمة فائقة، ويخوض رحلة ملحمية برفقة صديقه الجديد “براكه”، الكلب السلوقي العربي، بحثاً عن عائلة والدته في أبوظبي، وعن القبول المجتمعي والدفء العائلي والخلاص النفسي.
رسالة إنسانية وقيم مجتمعية
تُبرز حبكة “فتى الجبل” دور المجتمع في ترسيخ قيم الدمج والدعم والتمكين لجميع أفراده، وهو ما يتماشى مع أهداف عام المجتمع 2025 في دولة الإمارات. لقد حرصت زينب شاهين على تسليط الضوء على جوانب رئيسية ثلاث في الفيلم: الروابط العائلية، والطبيعة الساحرة، وإيقاع الحياة الجبلية الهادئ، مظهرةً بذلك جانباً من التراث الإماراتي غالباً ما يُغفل عنه.
الفيلم يمثل دعوة للتأمل في أهمية التفاهم والقبول، وكيف يمكن لهذه القيم أن تبني مجتمعات أقوى وأكثر ترابطاً.
إنجازات عالمية وجوائز مستحقة
لم يقتصر نجاح “فتى الجبل” على الإشادات المحلية فحسب، بل امتد ليحصد 22 جائزة دولية من أصل 38 مهرجاناً سينمائياً عالمياً شارك فيها. من بين هذه الجوائز المرموقة: جائزة أفضل ممثل شاب عن فئة الفيلم الروائي الطويل للممثل الصاعد ناصر صالح المصعبي وأفضل تصوير سينمائي في مهرجان “تشيلسي السينمائي” في نيويورك، وأفضل مخرج في مهرجان “تش ستون” للأفلام المستقلة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأفضل ممثل شاب في فيلم روائي طويل في مهرجان “فايف كونتيننتس السينمائي الدولي” في فنزويلا. كما نال الفيلم جائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان “سياتل للأطفال”، وأفضل فيلم روائي طويل في مهرجان “سان لويس أوبيسبو السينمائي الدولي” في الولايات المتحدة الأمريكية، وجائزة أفضل قصة روائية لفيلم روائي طويل في مهرجان “آيرون آي إف إف السينمائي الدولي” في أستراليا.
دعم مؤسسي ومواهب إماراتية
حظي الفيلم بدعم كبير من “هيئة الإعلام الإبداعي” و”لجنة أبوظبي للأفلام”، مما ساهم في نجاحه وانتشاره. وقد شارك في الفيلم 32 ممثلاً وطاقم عمل إماراتي بالكامل، بمن في ذلك المخرجة زينب شاهين من شركة أفلام الفجيرة، والمؤلفة ريحانة الهاشمي، والممثل الرئيسي ناصر صالح المصعبي . تم تصوير الفيلم عام 2023 على مدار 35 يوماً، في مواقع طبيعية خلابة داخل دولة الإمارات، في دبا الفجيرة والفجيرة، وفندق تلال في العين، وجزيرة السمالية، وأشجار المانغروف في أبوظبي، مما أسهم في إبراز المواهب الوطنية وأصالة الموروث الثقافي لدولة الإمارات.
زينب شاهين: شغف يتجسد في “الفن السابع”
تخرجت زينب شاهين من كلية التقنية العليا بالفجيرة، تخصص فيديو، ونفذت في بداية مشوارها عدداً من الأفلام القصيرة، منها: “التمور إلى المريخ” عام 2019، و”رحلة الأمل” عام 2021. وعن تجربتها الإخراجية الأولى في “فتى الجبل”، أعربت شاهين عن فخرها بهذا المشروع الذي يُبرز الكثير من جوانب الوطن، بدءاً من مواقع التصوير والمواهب الإماراتية، وصولاً إلى السرد القصصي المؤثر الذي يضيء على قيم التضامن المجتمعي. وتعتبر هذا الفيلم انطلاقتها الحقيقية في عالم “الفن السابع”، مؤكدةً أنه سيظل عزيزاً على قلبها طوال مسيرتها المهنية.
المستقبل: مشاريع واعدة ورؤية طموحة
تستعد المخرجة الإماراتية زينب شاهين حالياً لتصوير مشروعها السينمائي الطويل الثاني، بدعم من “هيئة الإعلام الإبداعي” في أبوظبي، وإنتاج نانسي باتون. تدور قصة الفيلم الجديد حول طفلة إماراتية تعيش في أبوظبي، ويتناول ماضي الأجداد والموروث والعادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة. ومن المتوقع أن تبدأ شاهين تصوير هذا الفيلم نهاية العام الجاري، لعرضه في صالات السينما عام 2026.
إن مسيرة زينب شاهين مع “فتى الجبل” هي قصة نجاح ملهمة، تؤكد أن الشغف والرؤية والإصرار هي مفاتيح الإبداع والتميز. لقد قدمت زينب شاهين بفيلمها هذا عملاً فنياً راقياً يحمل رسالة إنسانية عميقة، ويعكس جمال الطبيعة والتراث الإماراتي. ومع مشاريعها المستقبلية الواعدة، لا شك أن زينب شاهين ستواصل إثراء المشهد السينمائي الإماراتي والعربي، لتصبح اسماً لا يُنسى في تاريخ “الفن السابع”.