فوتوغرافيا – سيباستياو سالغادو .. إرثٌ يُعجز اللغة ! (2-2)
في سنواته الأخيرة، وجَّه سيباستياو سالغادو كاميراه نحو الطبيعة البكر، مستكشفاً مناطق لم تطأها الحداثة، وموثّقاً تفاصيل الحياة البرية والقبائل الأصلية في مشاريع مثل “جينيسيس” و”أمازونيا”. لم يكن عمله مجرد توثيقٍ بصريّ، بل كان رحلة أخلاقيةٍ وفكرية، حيث سعى لأن تكون الصورة أداةً للوعي، ومنبراً لمن لا صوت لهم في عالم يزداد فيه التفاوت والاغتراب.
سالغادو، القادم من أصول أرستقراطية، لم يتنكَّر لجذوره فحسب، بل اختار أن ينحاز للفقراء والمهمشين، متأثراً بفكرٍ شيوعي آمَنَ بعدالة توزيع الثروة وكرامة الإنسان. انعكست هذه القناعة في كل مشروعٍ خاضه، إذ لم يكتفِ بتصوير المعاناة، بل جعل من عدسته وسيلة لطرح الأسئلة حول العدالة والانتماء والهوية. لم يكن يسعى وراء الجوائز أو الاعتراف الرسمي، رغم حصوله على العديد منها، بل كان همُّهُ أن تظل الصورة صادقة، وأن تروي حكاية الإنسان في مواجهة قسوة العالم.
ورغم الجدل الذي أثاره في بعض الأوساط، ظل سالغادو وفياً لمبادئه حتى آخر أيامه، يعمل بلا كلل على أرشفة إرثٍ بصريّ نادر، ويستعد لمعارض جديدة، قبل أن يرحل متأثراً بمرضٍ عُضَال أصيب به خلال إحدى رحلاته الإنسانية.
رجلٌ حمل عدسته كمن يحمل راية، مؤمناً أن الفن الحقيقي لا ينفصل عن الموقف الأخلاقي، وأن الصورة، حين تتجذّر في فكرٍ تحرريّ، تصبح شهادةً على العصر، وصرخةً ضد الظلم، مهما كانت أصول صاحبها.
فلاش
سيرةٌ ذاتيةٌ مكتنزة بالتساؤلات الإنسانية الفكرية العميقة
جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي
www.hipa.ae